هل مصدر المعرفة عقلي ام تجريبي
مقدمة:
ﻟﻘد ﻛﺎﻧت ﻟﻠدراﺳﺎت اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ أﺛر واﺿﺢ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﻌﺎرف اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟوﺟود وﺗﻔﺳﯾره ﻣن ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﻣﺻﺎدرھﺎ وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ وﻗد ارﺗﺑطت ﻋﻣوﻣﺎ ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﺄﺣدﺛت ھذه اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻋﺑ اﻟﻌﺻور ﺗﺑﺎﯾن أراء اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﺄي إﻟﻰ أي ﻣدى ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ؟
أ- المذهب العقلاني العقلانية هي اتجاه فكري يرى أن العقل هو المصدر الأول للمعرفة ، و الأداة الأساسية في البرهنة ، و المقياس الذي نميز به بين الأفكار الصحيحة و الأفكار الخاطئة ، و بين الافعال الخيرة و الأفعال السيئة ، و المنبر الوحيد الذي نطل به على الحقيقة .و يعتبر رنيه ديكارت ، و سبينوزا و لايبنتز من رواد هذا المذهب . و تتمثل أهم حججهم في :
- في العقل مبادئ فطرية و قبلية سابقة عن كل تجربة ، و ليست متولدة من الحس ، فهي واضحة و بسيطة لا يشوبها الخطأ ، عليها تنشأ المعرفة وتتكون الأفكار الصحيحة ، مثل مبدأ الهوية القائل أن الشيئ هو دائما ذاته ، و لا يكون شيئأ آخرا ، و مبدأ عدم التناقض القائل أن المتناقضين لا يجتمعان معا ، ، و مبدا العلية القائل ان لكل علة معلول و لكل معلول علة ، ومن الأفكار الفطرية و البديهية فكرة وجود الله ، و وجود الذات الذي مرده التفكير يقول ديكارت ( انا أفكر فأنا اذن موجود )
- إن معرفتنا بحقيقة الامور لا تتوقف على الحواس ، بل على نشاط العقل لأن الحواس لا تحقق معرفة مجردة التي يحتاجها التفكير ، ان التفكير يقوم على الكليات و هي صور مجردة تدرك بالعقل مثل صورة الانسان و صورة الحيوان و صورة المعدن ..الخ بينما الحواس لا تدرك الا الجزئيات ، فالعين ترى أحمد ، و علي ، و حياة ، لكنها لا ترى الإنسان لأنه صورة مجردة ..
- الحواس مصدر غير موثوق ، و أحسن دليل على ذلك هو الخداع البصري ، الا نرى السماء ملتصقة بالبحر لما ننظر في الأفق؟ ، ألا تبدو لنا العصا المغموسة في الماء منكسرة ؟ ألا نرى حجم الجسم يكبر كلما يقترب منا و يصغر كلما يبتعد عنا ؟ فالحقيقة اذن ليست ما نراه بل ما نتصوره
- الحقائق الاولى كالاوليات الرياضية و المنطقية تدرك بالعقل عن طريق الحدس من غير مقدمات ، و الحدس نور فطري و معرفة مباشرة ليست مسبوقة بمقدمات كقضية الكل أكبر من جزئه ، و أن ثلاثة عدد فردي ، أن المستقيم ليس معوج ، و أن الجسم ممتد ...الخ يقول ديكارت ( اإن حدس البداهة اوثق من الاستنتاج ذاته ) و يقول سبينوزا ( ان العقل يجد شكله الاسمى و الاصح في الحدس )
النقد / عندما نفكر لا نصيب دائما مما يعني أن الفكر غير معصوم من الخطأ ، و الحواس رغم أنها لا تقدم لنا معرفة يقينية أحيانا ، الا أنها تبقى ضرورية من أجل الاتصال بالعالم الخارجي ، و لو كانت المعرفة فطرية لكانت واحدة عند الجميع لكن الواقع يثبت أنها متفاوتة
التجريبية مذهب فلسفي يرجع كل المعرفة و مادتها و قوانينها إلى التجربة و معنى ذلك انه لا يوجد شيء في العقل ما لم يوجد في الحس ، إذن التجربة التي مصدرها الإحساس هي المنبع الأول لجميع الأفكار و يعتبر حون و كوندياك و دافيد هيــوم رواد هذا المذهب و تتمثل مبرراتهم في
- الحواس مصدر المعرفة والنافذة التي نطل بها على العالم الخارجي ، ومن فقد حاسة ، فقد المعاني المتعلقة بها ، فالبرتقالة مثلا ، يصل إلينا لونها عن طريق البصر ، و رائحتها عن طريق الشم ، و طعمها عن طريق الذوق ، و ملمسها عن طريق اللمس ، فلو تناول هذه البرتقالة كفيف البصر يدرك كل صفاتها الا لونها ، فالكفيف لا يدرك الألوان ، و الأصم لا يدرك الأصوات ، فلولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجودا في العقل
- النفس لوحة بيضاء و كل ما فيها مكتسب فكرتنا عن العالم الخارجي ليست سوى مجموعة من الاحساسات تحولت بحكم التجربة الى تصورات ،فالمعرفة تكتسب بالتدريج عن طريق الاحتكاك بالعالم الخارجي و ما تحدثه الوقائع من آثار حسية، هكذا تتكون فكرتنا عن اللين و الصلب ، الابيض و الاسود ، القبيح و الجميل ، الخير و الشر ، فلا يستطيع الطفل ادراكها م نذ ولادته إذن لا وجود لأفكار فطرية أو مبادئ قبلية سابقة عن التجربة يقول جون لـــوك (لنفرض أن النفس صفحة بيضاء فكيف تحصل على الأفكار ؟ إني أجيب من التجربة ، و منها تستمد كل مواد التفكير )فنحن ندرك الملموس قبل المجرد ، و الخاص قبل العام
- فالمبادئ ليست ضرورية و لا كلية ، لأن العقل ثمرة التجربة ، و التجربة متغيرة وأنه لهذا السبب نفسه تابع لشروط متغيرة ، وأحكامه لا تصبح كلية و لاضرورية الا بالنسبة لظرف معين فهي نسبيـــة و كما انها غير ذاتية لأنها متعلقة بحوادث متغيرة خارجية
النقد / رغم أن الحواس ضرورية للاتصال بالعالم الخارجي إلا أنها غير كافية للإطلاع على حقيقة هذا العالم فالكثير من الأمور تغيب عن شهادة الحواس و تحتاج الى إدراك عقلي كالصور المجردة والعلاقة الثابتة بين الأشياء ، بالإضافة إلى أن الحواس مصدر التركيب هو :ذكر الموقف العقلي كانط
الخاتمة : وخلاصة قولنا في هدا المقال أن مصدر المعرفة متغير بتغير الإنسان وأحواله وظروفه فاحييا يتبع العقل واحييا أخري يتبع التجربة وأحيانا يتبعهما معا.
_الأطروحة "العقل هو مقياس المعرفة الإنسانية "
كيف يمكن إثبات ذلك ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.انه مما لا شك فيه إن التاريخ الفلسفي على شهادة تامة بذلك الصراع الدائر ين العقلانيين و التجريبيين في مجال المعرفة الإنسانية ولكن إذا ما شهدنا شهادة باعتراف لها قدمه العقلانيين تجاه الثروات الفلسفية و العلمية التي قادوا بها هذا الكون قدما نحو الإمام ففي ظل هذا الامتنان الكبير لدور العقل في معرفة هذا العالم هناك من يعتقد بان المعرفة تكمن في التجربة فقط .وكن هذا الاعتقاد غير صحيح لان العقل اسبق من التجربة و السؤال الذي يطرح نفسه؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أدق ؛إلى أي مدى يمكن اعتبار العقل مقياس للمعرفة الإنسانية؟
.إن المعرفة الإنسان لهذا الوجود وفق عقل يحرك كل شيء نحو النور الذي يضيء الحياة و هو إن مع القول الحاكم في الأمور و الحاسم بين تناقضات والله عز وجل أكرمنا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على إن العقل هو ميزان معرفة صدق الأشياء فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس فيملون منه المعارف و يطمئنون إليها و من الفلاسفة العقلانيين الذين يؤكدون على أولوية العقل في معارف الإنسان الفيلسوف الفرنسي "رونيه ديكارت"الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة ولقد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة "إنا أفكر إذن إنا موجود" هذا الكوجيقو الديكارتي الذي يرى انه لولا هذا العقل لمل استطعنا إن نعرف حقيقتنا و حقيقة الموجودات بيننا فالعقل يعتبر مصدر معرفتنا لأنفسنا و
للواقع اكبر دليل على أولوية العقل إن الوحي جاء يخاطب العقل ولا دين لمن لا عقل له و كذلك فالعقل يتأسس أصلا بالفطرة على مبادئ تعرف بالبديهيات أو الأولويات وهي مبادئ يدركها المرء بمجرد تفتحه من غبر حاجته إلى التجربة ولا يختلف قيها مع غيره من الناس لأنهم جميعا يملكون هذه المبادئ بالفطرة و في هذا الصدر يقول "ديكارت "{العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة.......}ومثال ذلك( المبادئ الفطرية) فكرة إن الله هو خالق هذا العالم و كذلك مبدأ الهوية و مبدأ عدم التناقض و كذلك التعريف بين الخير و الشر و كذلك فان للعقل القدرة على الاستدلال و البرهان ومثال ذلك التقدم الذي توصلنا إليه و هذا التطور على مستوى العالم عبر التاريخ و العقل يدرك الحقائق الكلية التي هي ضرورية شاملة و الواقع يوحي الجزيئات التي تزودنا بها الحوا س و أحكام العقل ككليات ولا يمكن إن يكون جزئي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه لو كان كذلك لكان الحيوان أحق بها إذا فالحواس تخدعنا دون تدخل العقل .وتصورات العقل مجرده وليست مادية وكذلك فان الأخلاق تستمد قواعدها الأولى من العقل كمسالة التعريف بين متناقضات الحياة كالخير والشر و الحق والباطل و العدل والظلم وكذلك فالحقائق الالاهية كفكرة الله هو الخالق تستمد من العقل لأنه في طبيعة العقل الخير ما يجعله خيرا ولا يمكن للإرادة البشرية أو الالاهية إن تغبر في ذلك من شيء .
.إن الأولويات الرياضية المنطقية تنشا بالعقل عن طريق الحدس كما يقول "أفلاطون" {لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات} فالرياضيات (المبادئ الرياضية ) لا تدرك بالتجربة ولا بالحواس بل عن طريق الحدس فالحدس هو نور نظري غريزي يمكن العقل من إدراك فكرة ما إدراكا مباشرا وهو لا يقوم على اختبار تجريبي ولا تأمل عقلي ولا يعتمد كذلك على الحواس ففكرة اللانهائي و وجود الله تدرك وتعرف بواسطة الحدس فقط ومن الفلاسفة العقلانيين اللذين أكدوا على إن العقل هو المقياس الأساسي و الوحيد للمعرفة "أرسطو و مالبرناش و أفلاطون و ديكارت " وكذلك الفرقة الإسلامية "المعتزلة" وذلك في قولهم {المعارف كلها معقولة بالعقل واجبة بنظر العقل .....} إذن يمكن اعتبار العقل هو المقياس الأساسي للمعرفة الإنسانية.
.إن الفلسفات المادية و الحسية و التجريبية أهملت الجانب الأخلاقي و الديني فلقد نظرت للإنسان نظرة إنسان أعرج و قدمت المادة و التجربة لدرجة كبيرة جدا فالتجربة لا تمتلك القدرة على استنباط القوانين أي انها لا تملك القوة على الاستدلال و البرهان وكذلك فالتجربة لا تقوم إلا على الجزء إما التعميم فهو كلي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه لو كان كذلك لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة إذن فالحواس تخدعنا دون القدرات العقلية فالتجربة "المذهب التجريبي " لا تعتبر مقياسا للمعارف الإنسانية.
إن الفلسفات العقلانية استطاعت إن تصبح مسار الفلسفات السابقة و ألاحقة و الإنسان في تكوين معرفته يعتمد على العقل ومن هنا نستنتج إن العقل هو المصدر الوحيد و المفتاح الأساسي للمعارف الإنسانية.
06 _الأطروحة "التجربة هي مفتاح المعرفة الحقة "
كيف يمكن إثبات ذلك؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بعد القيم و الوجود ولقد دار صراع بين كثير من الفلاسفة و المفكرين و العلماء حول مصدرية المعرفة فهناك من يرى إن مصدر المعرفة الحقة هو التجربة (المادة) و الطرف الأخر يقول بان العقل (الفكر) هو الذي يعطينا المعرفة الحقيقية و تقرر لديك إن الاعتقاد الأول (التجربة هي أساس المعرفة الإنسانية) هو الصحيح فكيف يمكن لنا إن نثبت هذا الاعتقاد ؟أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن اعتبار التجربة هي مفتاح المعرفة الإنسانية؟
. إن الإنسان في حياته اليومية يتعرض إلى معارف كثيرة و متنوعة فالإنسان يدرك بالحواس وهي عين الحقيقة وهي التي تبرهن على وجود عالم مستقل عن الذات و المعنى الحقيقي لهذا الطرح هو انه يتسم بالعمومية المطلقة مثلا "معرفة التلاميذ للكتاب هي معرفة واحدة ومن الفلاسفة التجريبيين الذين أكدوا على أولوية التجربة في مجال المعرفة الإنسانية الفيلسوف "جون لوك" الذي يرى بان التجربة هي وحدها التي تنقش في عقولنا الأفكار و المعارف الإنسانية فالإنسان يلد صفحة بيضاء ليس فيه نقش سابق للتجربة و ذلك في قوله {لا وجود لمعرفة خارج الواقع ولا وجود لمبادئ نظرية أولية } فا الإحكام العقلية تتغير بتغير الزمان و المكان و تختلف باختلاف ظروف الأعمال و مجلات البحث و المعارف المكتسبة و إذا انطلقنا من هذا المثال التالي سنعرف ما الذي يقصده "جون لوك"{ الطفل لا يعرف النار إلا بعد لمسها } و
هذا دليل إن التجربة هي ميزان المعارف إذا انطلقنا من مفهوم السببية أو العلية سنجد انه يستوحي من التجربة فالإنسان في جميع الأجيال إن هناك أشياء معلولة و أخرى ....لها و ربطوا الأولى بالثانية فتكون لنا مفهوم السببية و ذلك عن طريق التجربة و نجد أيضا من الفلاسفة المؤيدين لهذا الموقف "بيكون "الذي يقول {إن المعرفة لا تستمد من التجربة ليست يقينية } إذن فالإنسان في معرفته يعتمد أساسا على التجربة فهي أساس المعرفة الإنسانية.
.إن من الفلاسفة المؤيدين لهذا القول {التجربة مقياس المعرفة الحقة } نجد "دافيد هيوم" والذي يصدق على أولوية التجربة في هذا المجال و الذي يرى بان المعرفة لا تستمد من التجربة و الواقع مجرد ظن حيث يقول {انه لولا الأصوات ما سمعنا ولولا الصور ما رأينا و لولا الروائح ما شممنا } إذن فغياب الحواس يؤدي بطبيعة الحال إلى غياب المعارف فالإنسان يدرك بالحواس وهي ميزان معرفة حقائق هذا العالم لأنه من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها "فالبرتقالة مثلا يصل إلينا لونها و شكلها عن طريق الشم و ذوقها عن طريق الذوق و ملمسها عن طريق اللمس" فجميع أفكارنا تتطور و تتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حياتنا اليومية فلو كانت المبادئ الكلية موجودة و المعاني الفطرية لتساوي في العلم بها جميع المخلوقات و لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة فالمادة (التجربة) هي التي دفعت الإنسان إلى الازدهار و التقدم عبر التاريخ منذ استقر الإنسان في الأرض إذن فالعلم في جميع صوره يرتد إلى التجربة و منه فالتجربة تعتبر هي مقياس المعارف الإنسانية ولكن رغم هذا الرأي هناك من عارضه بشدة و هو العقل (الفلسفات العقلانية).
.إن الفلسفات العقلانية لا تستطيع إن تبدع بالفطرة المعاني و التصورات و ليست له القدرة على خلق صفحة الصدق على ما يبتدعه من معرفة فالفلسفة العقلانية أهملت الجانب المادي إلى درجة كبيرة جدا و كذلك فقوى العقل لها حدود فالفلسفة التي تقول بأولية العقل في مجال المعارف إذن لا يمكننا اعتبار الفلسفة العقلية فلسفة مغلقة لا يمكنها الوصول إلى المعارف.
.حقيقة إن الفلسفات التجريبية و المادية و الحسية استطاعت إن تصبح مسار الفلسفات ال سابقة و اللاحقة و هذا يعني أن التجربة هي التي تؤدي بنا إلى المعارف الحقيقية إذن فالتجربة تعتبر مفتاح أو مقياس المعارف الانسانية.
07 _الأطروحة "المنفعة هي مقياس المعرفة الحقة"
كيف يمكن إثبات ذلك هذه الأطروحة ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالرفع .نظرا لعدم جدوى الفلسفات المثالية و خوائها عل ارض الواقع ظهر تيار جديد يعارض و ينفي هذه الفلسفات السابقة انه المذهب الفلسفي البراغماتي الذي احدث ثورة عارمة على جل الفلسفات النظرية لان الحق كل الحق هو ما يخدعنا من ارض الواقع و يحسن أوضاعنا و لهذا نطرح سؤالا قوامه ؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أدق "إلى أي مدى يمكن اعتبار المنفعة مقياسا للمعارف الإنسانية؟
.نشا المذهب البراغماتي في أمريكا مطلع القرن العشرين و قرر بحكم منشئته في هذه الحياة استنكار الفلسفات التقليدية المثالية البالية وهو مذهب يدعوا إلى العمل استجابة لضروريات الحياة و استشرافا للمستقبل وهو مذهب فلسفي يجعل من كل منطق أو مسلمة ذريعة لتحقيق غايات عملية تعود بالنفع على الإنسان .إن أول مقياس يؤسس عليه البراغمتيون قيمة أي منطق من المنطلقات هو تحقيق منفعة علمية وكل فكرة أو بحث لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج اثأر عملية نفعية تعتبر خرافة شانها شان الكلام الفارغ وفي هذا الصدر نجد من مؤيدي المذهب البراغماتي و الذي يؤول المنفعة في معرفة الحقائق "ويليام جيمس" الذي يقول {إن الفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة } و المعنى الحقيقي من هذا الطرح (القول) هو إن المعرفة هي مقياس الصدق لان المعيار الأساسي عند البراغماتية (الذرائعية )هو المنفعة إذن فان الهدف من وجود أفكارنا أو المعارف هو من اجل غايات عملية و نافعة نجد في هذا الصدد أينما "جون ديري "الذي يؤكد على ان الحياة كلها توافق بين الفرد ومجتمعه وذلك في قوله "إن الحياة كلها
توافق بين الفرد وبيئته " فالمعرفة الصحيحة السليمة تتجلى في التفكير الناجح الذي يستطيع إيجاد حلول مغيرة للمشاكل التي تتعرض في سبيل الإنسان من المعروف ان مبحث الصدق هو احد المباحث الأساسية للمعرفة ولهذا فان الفكرة تستمر صدقها بواسطة الإحداث فان الصدق هو صدق بالنسبة للواقع للواقع غير ثابت وبالتالي فالصدق يتحول فاصدق هو وسيلة لتحقيق أغراضنا الفكرية والعلمية كما يقول الفيلسوف "جيمس" { اسمي الفكرة صادقة حين أبدا بتحقيقها تحقيقا تجريبيا } ويقول ايضا" ان هذه الآثار اللتي تنتمي اليها الفكرة هي الدليل على صدقها او هي مقياس صوابها" والمعنى من هذا القول ان المنفعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بصدق او إعمال إذن هنا يجتمع الصدق والنفع او بتعبير ادق ليس الصدق صدقا الا لانه نافع وليس نافعا الا انه وسيلة تستجيب للواقع المشخص للانسان ومنه فالمنفعة تعتبر مقياسا اساسيا للمعارف الإنسانية .
.انه اذا مانزناالى الواقع المعاش نجد هناك العديد من الامثلة الحية التي تستنطق ذاتها من عمق الواقع فمثلا" في حالة اخفاق التلميذ في الدراسة فانه يشعر بالقلق والكآبة والاضطراب واليأس واذا نجح فانه يشعر بالفخر والفرح لانه تقدم بمعارفه الى معارف اعلى و اذا ما نظرنا الى العلاقات الاجتماعية نجد ان كلها محكومة بالنفع و في هذا الصدد هناك "شعار السياسة الامريكية " ليس لدينا اصدقاء دائمون و لا اعداء دائمون بل مصالح دائمة " اذن فالانسان يقدم نجاحا عمليا في الحياة و ذلك بغية تحرير الغقل من القيود فمثلا الانسان يريد قضاء حاجته و انشغالاته في هذه الحياة لكن يجد عوائق تحول دون حلها ولكن وجب ان يتغلب و يغير الواقع المعاش لا كما نادت به المبادئ و القيم الخلقية ومن الفلاسفة البراغماتيين الذين يصدقون بالمنفعة في المعرفة الإنسانية "بيرس"حيث يقول { ان تصورنا لموضوع ماهو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من اثار علمية لا اكثر } وهذا القول يعني ان كل فكرة (اعتقاد) لا ينتهي الى سلوك عملي في دنيا الواقع تعتبر فكرة باطلة وان العبرة في ذلك هي العمل المنتج بدلا من التخمينات الفارغة ومن هنا نستخلص ان مفتاح صدق المعرفة الانسانية هو المنفعة .
. لكن رغم أهمية المنفعة في مجال المعارف الإنسانية الا ان هناك فلسفات اخرى عارضت لهذا الراىء ومن هذه الفلسفات العقلية و التجريبية و المثالية ومع ذلك فان لهذه الفلسفات عيوب بل هي فلسفات مغلقة على بعضها لا نستطيع الوصول إلى أي معرفة فالعقل لا يملك القدرة على الخلع صفة الصدق على ما يبتدعه من معرفة لان تصورات العقل مجردة و ليست مادية ومن المعروف ان بحث الصدق من المباحث الاساسية للمعرفة الحقة و كذلك فالتجربة لا تمتلك القدرة على اسنباط القوانين أي لا تملك القدرة على الاستدلال و البرهان فكل من الفلسفة العقلانية و التجربية لا يقدمان أي نجاح عملي في الحياة الى أي منفعة فهذه الفلسفات لم تاخذ بمنطق التعدد و التغيير و التحول مع ظروف الزمن بل اكثر من ذلك راحت تشيد افكارا ما ورائية او فارغة من محتواها ليس لها أي اثر في الحياة
.ان الفلسفة البراغمانية فرضت ذاتها على الواقع البشري ولهذا نجدها قائمة في جل مجالاة الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والفنية وفي الاخير. يمكننا القول بان المعرفة الحقه هي التي تنفعنا وتخدمنا في الحياة اليومية ..
.
08_هل المفاهيم الرياضية نابعة من العقل أم من التجربة؟
يعالج بطريقة الجدلية
.مما لاشك فيه إن تاريخ الإنسانية و نشاطها المعرفي يشير إلى إن الرياضيات و المفاهيم الرياضية كانت من أول العلوم نشأة باعتبار إن الرياضيات علم من العلوم التجريبية التي تتعلق بالمقادير الكمية و التي تبحث في الرموز المجردة و مجالها التصور العقلي البحث و قد أثيرت تساؤلات عديدة على أصل المفاهيم الرياضية فهناك من يرجعها إلى العقل و هناك من يرى إن هذه المعاني الرياضية نابعة من العقل و ليس الواقع الحسي و في ظل هذا الصراع والنزاع بين العقلاني ناو التجريبيين يمكننا طرح التساؤل ؛ هل أصل الرياضيات العقل أم التجربة ؟ .إن أصل الرياضيات عقلي خالص كما يراه الفلاسفة العقلانيين المثاليون أمثال الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" والذي يقول{إن المعرفة تذكر} وما نفهمه من هذا التعريف حسب أفلاطون هو إن المعارف بمختلف إشكالها تذكر أي تدرك بواسطة العقل ومن المعروف إن الرياضيات أساس تتركز عليه كل المعارف حيث إن الإنسان بينما كان في عالم المثل عرف هذه المعارف و منها الرياضيات .ولكن بعد إن جاء إلى عالم الواقع المادي نسي جميع هذه المعارف و منها سرعان إن يدركها بواسطة الذهن وحده دون أي واسطة من وسائط المعرفة فإدراك المعاني الرياضية تعتمد على العقل فهو النور الذي يضيء الحياة وهو إن صح القول الحاكم في الأمور فالله عز وجل أكرمنا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على إن العقل هو ميزان معرفة المفاهيم الرياضية وفي هذا السياق نجد "رونيه ديكارت" يعتبر القطب الرئيسي للفلسفة الحديثة و قد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة {إنا أفكر إذن إن موجود} هذا الكوجيتو الديكارتي الذي يبين إن مصدر كل العلوم و منها الرياضيات هو العقل و الذهن المفكر و ليست التجربة وكذلك يقول "ديكارت "{العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة} و هذا دلالة إن الأولويات الرياضية تنشا و تدرك بواسطة عقل مدرك و كذلك اعتماد العقل على مبدأ الاستنتاج أو البرهان وكما نعرف فإذا الرياضيات تقوم على مبدأ الاستنتاج فهي علم استنتاجي و استنباطي فالرياضيات هي جملة المفاهيم المجردة أنشاها الذهن فالمعاني الرياضية هي مفاهيم مطلقة و كلية و الواقع لا يعطينا المطلقة و الكلي و كذلك يقول "أفلاطون" في هذا السياق {إن المعطيات الأولية الرياضية توجد في عالم المثل } و لذلك جعل الرياضيات هي نموذج اليقين و كذلك نجد "ديكارت"الذي يحاول إن يوضح إن الرياضيات نابعة من أفكار فطرية شانها شان فكرة الله ومعنى هذا إن الرياضيات تأسست بفعل العقل و ذلك معناه إنها بعيدة عن مجال الملموس الخارجي و في هذا المقام يقول "ديكارت " { إن المعاني الرياضية هي معارف فطرية } و بالإضافة إلى هذا الفيلسوف نجد الفيلسوف الفرنسي "مالبرانش" الذي يرى إن المفاهيم الرياضية وكل المعارف جاءت من عند الله و ذلك بفعل العقل دون وسائل معرفية أخرى و نأخذ مثلا عن الشكل الهندسي و الخط المستقيم و مفاهيم العدد اللانهائي والأكبر والأصغر وغيرها كلها معاني رياضية عقلية مجردة لا تدل على أنها منشات عن طريق الملاحظة الحسية إلا أنها نسخة منها أنها صدرت من العقل وحده وكما يؤكد قطب الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني "ايمانويل كانط" علي إن أساس الرياضيات يتجلي في القضايا العقلية التي تعرض نفسها على العقل وهي معرفة كلية و لقد أساسها" كانط" بالمعارف الأولية التي لا تعنب الأفكار الفطرية كما عند "ديكارت " بل إن هذه المعارف الأولية بمثابة شروط أولية ضرورية قائمة على الذهن وقد ركز "كانط" على فكرتي الزمان و المكان على إنهما مفهومان مجردان على العالم الحسي و كذلك نجد قولا "لافلوطن " يوضح فيه ا ن الرياضيات أهلها عقلي خالص حيث يقول {لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات } لكن فرغم هذا فللقدرات العقلية سلبيات كما لها ايجابيات في مجال مصدرية الرياضيات فالعقل لا يستطيع خلع صفحة الصدق على ما يبتدعه من معارف و كذلك وجود تفاوت المقدرة على الفهم فالعقل لا يعتبر أساسا لرياضيات .
.كما رأينا سابقا فان أساس و مصدر الرياضيات يكمن في القدرات العقلية فقط دون إدخال الواقع المادي و لكن هناك من عارض هذا الرأي معارضة شديدة و قدم الواقع المادي على القدرات العقلية في مصدرية الرياضيات ومن هؤلاء الفلاسفة المعارضين للرأي الأول نجد "جون لوك" الذي رد على "ديكارت" بأنه للمعاني الفطرية في النفس و هنا قوله {لا وجود لمعرفة خارج الواقع و لا وجود لمبادئ فطرية أولية } و كذلك فان الأطفال لا يعرفون الرياضيات إلا بعد كبرهم وهنا قوله أيضا {إن الطفل يولد صفحة بيضاء تكتب فيه التجربة ما تشاء} ومعنى هذا إن المعرفة الرياضية أو أي معرفة أخرى إنها تكتسب من الواقع الحسي فغياب الواقع الحسي يؤدي إلى غياب المعرفة فالواقع هو الذي يعطي لنا فكرة العدد و الشكل وهناك أيضا الفيلسوف الفرنسي "كوندياك" الذي يرى بان الإحساس هو المنبع الذي تنبثق منه جميع العلوم و هذا يعني إن الرياضيات حسية واقعية و أيضا يؤكد "دافيد هيوم " على إن جميع معار فنا مستمدة من التجربة و إن العقل بدون تجربة لا يساوي شيء و كما يؤكد الفيلسوف الانجليزي "جون ستيوارت مل " إن الرياضيات هي علم الملاحظة و كما يوضح إن النقط و الخطوط و الدوائر و المستقيمات ......الخ إن تكون عقلية كانت تجريبية و ذلك من خلال الحضارات الشرقية القديمة التي مارست الرياضيات ممارسة عملية قبل إن تكون نظرية و ذلك في تنظيم الفلاحة و الملاحة و الري ....الخ ومن هنا ندرك إن أصل الرياضيات هو الواقع المادي دون القدرات العقلية غير إن التجربة لا تستطيع استنباط القوانين وكما قلنا سابقا فالرياضيات من العلوم الاستنتاجية و البرهانية ومنه فالتجربة (الواقع الحسي ) لا يعتبر أساسا للرياضيات .
.إن هذا الرأي ألتجاوزي يرى أصحابه انه لا يوجد للعقل دون الأشياء المحسوسة و لا للأشياء المحسوسة دون العقل المفكر بل هناك تلازم و ترابط وظيفي بينهما و الذي يتزعم هذا الاتجاه ألتجاوزي العالم السويسري "جان بياجي" والذي يرى بان الرياضيات عبارة عن نشاط إنشائي و بنائي يقوم به العقل و يعطي التجربة صدرتها و ذلك في قوله {إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا وان التجربة ضرورية}
09_قارن بين البراغماتية و الوجودية ؟
يعالج بطريقة المقارنة
.يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بحيث حدث اختلاف في موضوع المعرفة أو بالأحرى في موضوع مصدرية المعارف فهناك من يرى إن الذرائعية (وهي اتجاه فلسفي يقول بأولية المنفعة في مجال المعرفة ) هي أساس المعارف و هناك من يرى إن الوجودية (وهي اتجاه فلسفي الذات الإنسانية في معرفة هذا العالم) هي أساس المعرفة الحقة و في ظل هذا الصراع الدائر بين الطرفين يمكننا طرح التساؤلات التالية ؛ ما الفرق بين كل من الاتجاهين أو بعبارة أخرى أدق ما الذي يميز البراغماتية (الذرائعية )عن الوجودية ؟
. انه إذا ما نظرنا نظرة موضوعية مدققة إلى موضوعي الذرائعية و الوجودية وجدنا هناك اختلافا كبيرا بين الطرفين يتجلى في بعض النقاط و تتمثل في إن الذرائعية اتجاه فلسفي يقول بان هي أساس المعرفة الحقة أما الوجودية فهي اتجاه فلسفي يؤول الذات الإنسانية في معرفة هذا العالم ومن جهة أخرى فالمذهب البراغماتي منهج يدعوا إلى الانصراف عن الفكر للفكر نحو العمل استجابة لضروريات الحياة و استشرافا للمستقبل آما عن المذهب الوجودي فهو يهتم بالإنسان كمشروع فالتعمق في باطنه هو الذي يولد لنا معارف و كذلك فالبراغماتيون يعتمدون على مقاييس و أسس تتمثل في (الصدق - العمل- المنهج –النفع.....الخ) أما الوجوديين يعتمدون و يرتكزون على مقاييس و أسس تتمثل في (الوجود لذاته و الوجود في ذاته –الشعور أو الحدس ...الخ)ومن جهة أخرى فالبراغماتية تقول بان المعرفة تقاس بمعيار العمل المنتج أي إن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له و ليست معرفة في حد ذاتها إما الوجودية فهي ترتكز على الإنسان المشخص في وجود الحسي لا لوجوده المجرد ومن جهة أخرى فالمبدأ الذي يعتمد عليه البراغماتيون هو إن كل فكرة أو بحث لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج أثار علمية نفعية تعتبر خرافة شانها شان الكلام الفارغ إما عن المبدأ الذي يعتمد عليه الوجوديون هوان { الوجود اسبق من الماهية} و انطلاقتهم من إن الوجود الحقيقي ليس وجود الأشياء الهادمة وإنما هو الوجود الإنساني الذي نشعر به في ذواتنا و نحياه بكل جوارحنا
.إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين البراغماتية ( الذرائعية) والوجودية وجدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في إن ملا من الوجودية و البراغماتية نشا في حاجة ......الإنسان إلى البحث و الكشف عن إسرار المحيط الذي يعيش فيه و باعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض و يشتركان في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة وكلهما يهتم بمعرفة و وعي هذا الكون و كلاهما يبذل نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين و كذلك فكلاهما يمثلان مصدر للحقيقة و كلاهما ناتجان من الإرادة و الحافز تجاه عوائق ما .
.إن طبيعة العلاقة بين النسقين البراغماتي و الوجودي هي علاقة تكامل و تداخل وظيفي فقد نأخذ يهما متفرقين كنسقين وضعا خدمة لمقاصد معينة فان استئناسي بالفلسفة العلمية بغرض استثمارها في حيات ي اليومية لا يمنعني في وقت آخر و لفترة الاستئناس بفلسفة ترجعني إلى باطني وتسوقني إلى أعماقه لأعيش ما يعالجه من حالات نفسية وهذا يجعلني من جهة أخرى اقبل على الحياة مع الغير و الانخراط في ما يشغلنا فيها معا إذا هناك علاقة وطيدة في الصيلة بينهما.حقيقتا إن هناك اختلاف بين الاتجاهين البراغماتي و الجودي إلا إن هناك خدمة متبادلة دون توافق بين النسقين.
10_الأطروحة ؛{إن التعرف على قواعد المنطق تضمن عدم الوقوع في الخطأ }
كيف يمكن لنا تفنيد الأطروحة ؟
استقصاء بالرفع
.إن المنطق هو علم القواعد التي تجنب الإنسان التفكير و ترشده إلى الصواب و المنطق معروف من قبل اليونان و قد قاده الواضع الأول لهذا المنطق الفيلسوف "أرسطو" الذي يعرفه على إن الآلة التي تعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ وذلك في قوله {المنطق الأرسطي هو آلة العلم و صورته} وقد قاده بقواعده الممنهجة و المنظمة تنظيما محكما و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو ؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أخرى أدق ؛إلى أي حد يمكن القول ان التعرف على قواعد المنطق تضمن عدم الوقوع في الخطأ ؟
إن حقيقة انطباق الفكر مع نفسه و سعى المنطق الصوري الأرسطي لتحقيقها على اعتبار انه يمثل النظرية النهائية التي تبين لنا قواعد الاستدلال التي يجب إتباعها و الشروط التي يمكن أن نفرق بها بين الصواب و الخطأ و لهذا قد أعده الكثير –خاصة في العصور الوسطى- اصدق معيار يمكن الاستعانة به لدراسة العلوم و قالوا انه معيار العلوم و انه هو الوسيلة التي تضمن عدم الوقوع في الخطأ و كذلك اعتبر أسمى أسلوب لضمان اتفاق العقول ة انسجامها و توحيد حكمها فالمنطق يعتمد على قواعد تحصنه من التناقض و يقيم مبادئ الفكر من التمسك بالأفكار العلمية و الآراء الشائعة حتى يكون سليما و كذلك إتباعه لأسلوب الاستدلال القائم على الاستنتاج مما يجعله فكرا برهانينا فقواعد المنطق تحرر الكل من قيود العاطفة فالمنطق منهج يعودنا ترتيب أفكارنا و تأسيسها في صورة منطقية سليمة
فخطابنا لا يكون مفهوما إلا إذا كان مؤسسا و مهندسا فالمنطق ينبهنا إلى الأخطاء فالمنطق ينبهنا إلى الأخطاء الشائعة لدى اغلب الناس كالخلط بين التناقض و التضاد و كذلك فهو يعطينا القدرة على فحص استدلالات الآخرين و ردها أو قبولها لهذا اعدوا المنطق منهجا لمختلف العلوم ومنه فالتعرف على قواعد المنطق يضمن لنا عدم الوقوع في الخطأ .
.إن الإنسان قد يعرف قواعد المنطق لكنه قد يخطا لان الأحكام المنطقية تتأثر بعوامل مختلفة مثل العوامل النفسية و الاجتماعية فإذا كان الحكم هو الأساس في المنطق فان الحكم قد يتأثر بذات الإنسان أي يتأثر بميوله و أهوائه وعواطفه و منافعه كما يتأثر أيضا بعوامل اجتماعية أي يتأثر بالقيم السائدة في المجتمع مثل عادات و تقاليد باعتبار إن الفرد يتأثر بما هو سائد في مجتمعه و يجد صعوبة في الخروج من القيم الاجتماعية و قد يتأثر بالراء الفلسفية .إذن المنطق على خلاف الرياضيات له علاقة بالفلسفة إذا ظل المنطق الأرسطي بحثا فلسفيا لأنه ظل مرتبطا بالآراء المبطافيزقية لكن رغم الانتقادات التي وج هت للمنطق الأرسطي بأنه أجوف كما قال "بيكون" وكذلك انه عقيم لا يستطيع الوصول إلى أي جديد و كذلك انه يستخدم اللغة الشائعة .وانه ضيق لا يعبر عن كل العلاقات المنطقية فالمنطق له فائدة نظرية و علمية إذا أنت توظف هذه القواعد في تفكيرنا العلمي و الفلسفي ومن هنا نخلص إلى أن التعرف على قواعد المنطق لا تضمن لنا عدم الوقوع في الخطأ .
. حقيقة إن النظرة التي تجعل من المنطق القديم أكمل ما أنتجه العقل البشري لتحقيق توافق العقول و بالتالي عدم الوقوع في الخطأ فيه كثير من المبالغة و الخطأ لأنه اجتهاد بشري لا يرقى إلى الكمال مهما كان فيه من مجال الإبداع و بالتالي فله عيوب كثيرة حاول إظهارها كل من "ديكارت و غوبلو و بيكون " أهمها انه منطق عقيم لان نتائجه متضمنة في المقدمات انه منطق لغوي يقدم على الألفاظ وما فيها من غموض و تعدد المعاني يؤدي إلى الوقوع في الخطأ و كذلك فان له قواعد ثابتة لا تقبل التطور و منه فالتعرف على قواعد المنطق لا يضمن لنا عدم الوقوع الخطأ لان الأحكام المنطقية تناثر بعوامل مختلفة مثل العوامل النفسية و الاجتماعية .
. ومن هنا نستنتج إن التعرف على قواعد المنطق لا يضمن لنا عدم الوقوع في الأخطاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق